غسان كنفاني
3 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
غسان كنفاني
غسان كنفاني :-
كان غسان كنفاني أول قائد يسقط في هذه الحرب السرية ، وقد تم اغتيال المناضل والأديب والفنان وعضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والناطق باسمها يوم السبت 8/7/1972م مع ابنة أخته لميس بعبوة ناسفة وضعت في سيارته.
وغسان كنفاني أديب وفنان ومناضل فلسطيني ولد في مدينة عكا في فلسطين بتاريخ 9/4/ 1936م وبدأ يتلقى دراسته الابتدائية في مدرسة الفرير في مدينة يافا حيث كان والده يعمل محامياً ولم يتم هذه الدراسة إذ وقعت نكبة 1948م وسقطت مدينة عكا يوم 16/5/1948م فلجأت أسرة غسان إلى لبنان لبعض الوقت ثم انتقلت إلى سوريا وأستقرت في دمشق .
حاز شهادة الدراسة الإعدادية عام 1953م فاشتغل معلماً في مدارس وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين في دمشق ، ثم حاز بدراسة خاصة شهادة الدراية الثانوية فترك دمشق عام 1955م إلى الكويت للعمل مدرساً في مدارسها أنتسب خلال عمله الجديد إلى جامعة دمشق ونال شهادة الإجازة في الأدب قسم اللغة العربية وكانت الرسالة التي قدمها بعنوان ، العرق والدين في الأدب الصهيوني .
غادر غسان كنفاني الكويت عام 1960م إلى بيروت حيث أنضم إلى أسرة تحرير مجلة الحرية الناطقة باسم حركة القوميين العرب ، وتولى رئاسة تحرير جريدة المحرر اليومية ، وكان يشرف على الملحق الأسبوعي التي تصدره المحرر باسم فلسطين ، ثم انتقل رئيساً لتحرير جريدة الأنوار اليومية ( 1967-1969م ) ، في 26/7/1969م ترك غسان كنفاني صحيفة الأنوار ليتولى رئاسة تحرير مجلة الهدف التي أصدرتها الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ، وكان قد أصبح عضواً في المكتب السياسي للجبهة وناطقاً رسمياً باسمها ومسؤولاً عن نشاطها الإعلامي ، وقد شارك في وضع البيان السياسي للجبهة والمعروف باسم ( برنامج آب 1969م ) ، وكانت الصحافة الأجنبية قد ركزت عليه بعد عملية مطار اللد الأخيرة ، وهو متزوج وله طفلين فائز وليلى .
ولدالشهيد غسان كنفاني عام 1936 في مدينة عكا بفلسطين .. وهو عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين .. عرفته جماهيرنا صحفياً تقدمياً جريئاً ، دخل السجن نتيجة جرأته في الدفاع عن القضايا الوطنية أكثر من مرة
عمل فى الصحف والمجلات العربية ...
- عضو في أسرة تحرير مجلة "الرأى" في دمشق.
- عضو في أسرة تحرير مجلة "الحرية" فى بيروت.
- رئيس تحرير جريدة "المحرر" في بيروت.
- رئيس تحرير "فلسطين" في جريدة المحرر.
- رئيس تحرير ملحق "الأنوار" في بيروت.
- صاحب ورئيس تحرير "الهدف" في بيروت.
كما كان غسان كنفاني فنانا مرهف الحس ، صمم العديد من ملصقات الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ، كما رسم العديد من اللوحات.
من مؤلفات الشهيد:
(1) قصص ومسرحيات :
- موت سرير رقم 12.
- أرض البرتقال الحزين.
- رجال في الشمس - قصة فيلم "المخدوعون".
- الباب - مسرحية.
- عالم ليس لنا.
- ما تبقى لكم - قصة فيلم السكين.
- عن الرجال والبنادق.
- أم سعد.
- عائد إلي حيفا.
(2) بحوث أدبية:
- أدب المقامة في فلسطين المحتلة.
- الأدب العربي المقاوم في ظل الإحتلال.
- في الأدب الصهيوني.
(3) مؤلفات سياسية:
- المقاومة الفلسطينية ومعضلاتها.
- مجموعة كبيرة من الدراسات والمقالات التي تعالج جوانب معينة من تاريخ النضال الفلسطيني وحركة التحرر الوطني العربية (سياسياً وفكرياً وتنظيمياً).
استشهد صباح يوم السبت 8/7/1972 بعد أن انفجرت عبوات ناسفة كانت قد وضعت في سيارته تحت منزله مما أدي إلي استشهاده مع إبنة شقيقته لميس حسين نجم (17 سنة).<O> </O>
أذكر ذلك اليوم جيداً. كان الوقت في بيروت ما زال مبكراً. الحرارة
والرطوبة عاليتان. المدينة في مشاغلها العادية كما في كل يوم. المشاغل العادية هذه كانت مختلفة عما نحن عليه الآن. تبدأ بالعمل، وما قالته الصحف، وما يدور في مصر وسوريا والاتحاد السوفياتي وتصل الى أحياء الليلكي والسلم والدكوانة والشياح و... ما يجري على الحدود الجنوبية.
دوى ذلك الانفجار فيما المدينة قد انطلقت نحو حياتها المتداخلة. كان مسرح الانفجار منطقة الحازمية، عندما كان غسان كنفاني يدير محرك سيارته. تناثرت أشلاؤه. اختلطت أشلاؤه بأشلاء ابنة اخته لميس التي كانت قد استقرت الى جانبه. عثر على جزء من يده على سطح إحدى الأبنية المجاورة. لم يكن الهدف قتله فقط، بل بتر يده بالتحديد. كان الوقت مبكراً، صحف الصباح صدرت كما في كل الأيام، الاذاعات محصورة بإذاعة لبنان الرسمية. التلفزيون يفتتح برامجه عشية وحتى الحادية عشرة مساء، فقط. لم يكن عرف <<الفلاشات>> الاخبارية رائجاً في حينه. مع ذلك طار النبأ بأسرع من أثير <<سلاحف>> الإعلام الرسمي والخاص في حينه. بعد دقائق كان كل من في الشارع يهمس في أذن آخر أن غسان كنفاني قد استشهد. لم تكن إذ ذاك قد عرفت بعد السيارات المفخخة. بالتأكيد كان هناك ظلال ما لحرب أهلية مقبلة، إلا أن أحداً لم يتعرف بعد على منوعاتها الأمنية والعسكرية. كانت المدينة تعيش صخباً استثنائياً. المد القومي اليساري في ذروته وغسان كنفاني هو الأول في قائمة كبار الشهداء، شهداء الشعبين اللبناني والفلسطيني، الفلسطيني واللبناني.
لم يكن من قبيل الصدفة ان تبدأ به سبحة الاغتيالات. كل ما فعله، حتى حياته العادية كانت <<تبرر>> للاستخبارات الصهيونية جريمتها، فالرجل الناحل الذي ولد في العام 1936 وعاش في يافا حتى العام 1948 عندما أخرج منها، وتنقل بين سوريا والكويت حتى استقر في لبنان، ملأ دنيانا، نحن الذين تربينا ونحن نشهد الانهيار الكبير في العام 1967. كان <<12>> هو أول ما قرأته له، ثم عندما قرأت <<رجال في الشمس>> أدركنا أهمية <<الدق على الخزان>> الذي مات أبطال الرواية دون أن يقدموا عليه، مما أدى الى موتهم بين صحراءي الكويت والعراق، فيما السائق يتابع رحلته وسط سراب المحاولة... غسان كنفاني كان لا بد وأن يقتل بقرار إسرائيلي طالما أنه أعاد إحياء الفلسطيني الذي ظن قادة المؤسسة الصهيونية انه مات، ان لم يكن جسدا، قرب منابع النفط، فروحا في خيام اللجوء في لبنان وسوريا والاردن و... كانوا يريدون وما زالوا الفلسطيني ميتاً في أي مكان بما فيه البحر الميت تبع النسخة الأخيرة. كانت جريمة غسان إعادة إطلاق طائر الفينيق هذا الذي ظنوه أنه قد دجن تماماً ان لم يكن على أيدي الأنظمة، فعلى دفاتر وكالة إغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الاونروا). كانت المنطقة تغلي بالثورة بعد هزيمة الجيوش العربية النظامية في العام 1967، وكانت الموجة إعلاء راية حرب التحرير الشعبية الطويلة الأمد... ومن كل الجبهات العربية دون استثناء <<حرمة>> هذه الدولة أو تلك. غسان بهذا المعنى كان حادي الثورة المنطلقة والمنفلتة في الشوارع تدين مشروع روجرز وقرارات الأمم المتحدة رقم 242 و338 وكل محاولة تسوية أو اتصال أو اعتراف أو ... اندمجت الأحلام حتى بات من الصعب أن نميز بين حلم فلسطيني وآخر لبناني أو سوري أو عراقي... اليوم بات لكل منا أحلامه كما له كوابيسه..
كان غسان يختلف عنا نحن الشبان المراهقين الذين درجنا على قض مضاجع الأنظمة والشوارع. تعلمنا منه كيف ننظر الى الإسرائيلي والفلسطيني وذواتنا أيضاً. لم يعد الموضوع عبارة عن شغف شبابي، بات بالإمكان تلمس معالم الشخصية الصهيونية وتفكيك بناها وعلاقاتها ومكامن قوتها وضعفها.. لم يكن قد ساد بعد هذا الشعار الساذج الرائج اليوم بالنظر الى الإسرائيلي أنه مجرد يهودي أو <<شر مطلق>> أو...
ليست مناسبة هذا الكلام مرور الذكرى 31 على استشهاد غسان واستحضار تلك اللحظات في حياة مدينة كانت تنهل من نسغ الحرية وتتملاها، حتى استحالة التمييز بين أزقة تل الزعتر والدكوانة وشاتيلا والطريق الجديدة وبرج البراجنة ومخيمها... واللاجئ من وطنه والمهجر في وطنه.. وشعارات تتحد في مجرى صراع الداخل والحدود. ليس مناسبة الكلام عن غسان ذكرى شهادته التي أطلقت مجرى الدم على نحو غزير. الدم الفلسطيني واللبناني الذي جرف في تياره روائيين وشعراء وكتّاباً وصحافيين وقادة سياسيين و... المناسبة حدثت بالصدفة وأثارت هذه الشجون، كانت الاطلاع على الكتاب الصادر عن المركز التربوي للبحوث والانماء وفق المناهج الجديدة لمادة <<الأدب العربي وقواعد اللغة العربية>> للسنة الثانية فرع العلوم. الكتاب هذا يتألف من أربعة محاور أولها يتناول الإنسان والحب. واختار المؤلفون ثلاثة نصوص: للشاعر سعيد عقل (سمراء)، للشاعر نزار قباني (ماذا أقول له) والثالث لغسان كنفاني (رسالة الى غادة السمان). في المحاور الباقية نصوص عن الإنسان والفن والعلم والتفاعل الثقافي بين الشعوب لكل من: أنسي الحاج، مصطفى فروخ، ابن الرومي، جبرا ابراهيم جبرا، ابراهيم اليازجي، فؤاد زكريا، خليل رامز سركيس، عمر فاخوري، عباس محمود العقاد، قسطنطين زريق وجورج صدقني. وما يعنينا هو المحور الأول.
بداية لا بد من التأكيد على أهمية أن يتضمن كتاب مدرسي لطلاب الثانوية العامة (العلوم) نصاً لغسان كنفاني، كما لا بد من التنويه بأن تشتمل العديد من الكتب المدرسية نصوصاً لشعراء الحداثة والروائيين المعاصرين. ولكن مثل هذا الأمر يفتح الموضوع ولا يقفله. وهنا يبدو الموضوع مفتوحاً على النص الذي يتم اعتماده. هل يعبر هذا النص عن الشاعر أو الروائي... ثم ماذا عن الأسئلة التي ترد في نهاية النص.
لا شك بأن قصيدتي سمراء وماذا أقول له لكل من الشاعرين عقل وقباني تعبران عن عالميهما الشعري والنفسي، ولكن السؤال هو هل تعبر الرسالة التي تم اختيارها عن عالم غسان كنفاني؟ بالتأكيد لم يكن أدب غسان كنفاني أدب ترسل ورسائل كما يوحي النص المعتمد. وإلا كان الاختيار موفقاً، خصوصاً أن غسان كنفاني لا يندرج تحت العنوان الرومانسي الذي تم اختياره في المحور الأول <<الإنسان والحب>>، الذي تم قصره على هذا النحو. هذا يدفع الى سؤال اللجنة عن المقياس أو <<الرائز>> الذي اعتمدته لتفضيل هذا النص على سواه من نصوص وردت في أعماله الروائية والقصصية دون استثناء. ناهيك بمقالاته الصحافية في <<الحرية>> و<<المحرر>> و<<الانوار>> و<<الحوادث>> و<<الهدف>>. هنا لا تشفع للجنة حسن النوايا، وأقل ما يقال عنها انها ضربت يدها على آخر الاصدارات التي وجدتها في السوق فوقعت يدها على الرسائل فتناولت واحدة منها وقررتها وجاءت لجنة ثانية فوضعت الأسئلة عن النص. والمشكلة تتعدى الشكل الى الجوهر أيضاً. مثلاً تعتمد المنهجية الجديدة مبدأ البحث. ولكن كم من المدارس تملك مكتبات غنية ومكتملة، لتضم ليس أعمال غسان كنفاني بل أعمال كل الشعراء والأدباء الواردين في المحاور الثلاثة الباقية. هذا لجهة الصعوبات التي تعترض الطلاب، خصوصاً في ظل غياب المكتبات العامة عن الاحياء والمدن، رغم النقلة التي حدثت في خلال وزارة د. غسان سلامة للثقافة... ولكن ماذا يعرف الأساتذة عن غسان كنفاني، وكيف يتم مسخ نضال هذا الأديب والروائي الفلسطيني الكبير والمضيء إذا ما وقع بين <<براثن>> من يجهلون الحد الأدنى من تاريخه وتاريخ قضيته. ماذا يصل عندها للطالب الذي يمثل يوم الثامن من تموز العام 1972 تاريخاً بعيداً عنه كان خلالها والده يافعاً أو صغيراً حتى...
حدث بالنسبة للمناهج الجديدة أن جرى إبدال نص لأحد الشعراء بنص آخر، بعد أن احتج عليه الشاعر، لأن النص الذي تم اعتماده لا يعبر عن شخصيته الأدبية الفكرية. غسان كنفاني ليس حاضراً بيننا ليطلب الى المركز التربوي استبدال النص بنص آخر، لكن لعائلته هذا الحق، ليس لعائلته هذا الحق، بل لكل الذين يعرفون غسان كنفاني روائياً مناضلاً في سبيل قضية ما زالت حتى اللحظة محور قضية المنطقة، وستظل محور مستقبلها أيضاً. إلا إذا كان رأي اللجنة ان الرسالة هي الأفق لا سواها.
نقول هذا الكلام حتى لا يتشظى جسد غسان كنفاني مرة ثانية... يحدث هذا دون أن يتمكن شبابنا من استيعابه. استيعاب أدبه واستيعاب شهادته المعبرة كفلسطيني لم يتسن له العودة الى حيفا ووجد له مكاناً تحت الشمس
الردود
Safir
الشهيد غسان كنفاني
أمير الحلو
كنت قد كتبت بعض الخواطر عن الشهيد غسان كنفاني الذي اغتاله الموساد الصهيوني ، ولاستكمال سلسلة كتاباتي عن ( شخوص في ذاكرتي ) احاول تجميع تلك الخواطر في هذه المقالة التي تسلط الاضواء على شخصية غسان بعيداً عن المجالات الادبية التي كتب فيها الكثيرون من المختصين .
لم اكن اعرفه شخصياً في بداية الستينات ، ولكني اتذكر ان بعض النشرات السياسية الصادرة في بيروت ودمشق كانت تحمل خطوطاً ورسومات جميلة لعناوينها وابوابها، وقد علمت ان غسان يقوم بعمليات الاعداد والاخراج الفني لها من خط ورسم وتوبيب، وكان اللقاء الاول معه بعد ثورة 8 شباط 1963 حينما صدرت جريدة ( الوحدة ) في بغداد وكان رئيس تحريرها الشهيد باسل الكبيسي الذي اغتاله الصهاينة ايضاً بعد ذلك ، وكنت من محرري تلك الجريدة ، ولكن لم تكن لدينا الخبرة الصحفية لاخراج جريدة يومية ، فلبى غسان رجاءنا وجاء الى بغداد ليشرف فنياً على اصدار الجريدة اضافة الى الاستفادة من خبرته السياسية والادبية في المساهمة بالتحرير ... كنا نتسلم لاخبار والمقالات كما هي فندفعها الى غسان واذهب الى غرفته واتابعه وهو يحولها الى صفحات كاملة في الجريدة ، يمسك ورقة الجريدة الخام فيرسم الخطوط ويقسم الابواب ويخط العناوين ، ثم يقرأ قصاصات الاوراق التي تحتوي على الاخبار فيعيد صياغتها ويطلب اضافات من الارشيف والمعلومات المتوفرة ،ثم يطلع على الصور الاخبارية وينتقي منها ويلصقها بيده في اماكنها في الجريدة . كنت اراقبه وهو يعمل بهمة ونشاط وحب للعمل ، واحاول ان اتعلم منه (سر المهنة ) فقد كانت امكانياتنا محدودة وخبرتنا قليلة ، وندفع الجريدة كاملة بعد ذلك الى المطبعة ، وفي المحصلة يكون غسان هو المحرر وهو المخطط والمنفذ الذي لولاه لما خرجت الجريدة بهذه المقدرة والموهبة . كان طبيعياً ان نرى غسان بعد ذلك بسنوات قليلة رئيساً لتحرير عدة صحف يومية معروفة في لبنان ، ويصبح اسمه لامعاً في غالم الصحافة والاعلام ، زرته يوماً في مكتبه في بيروت وهو رئيس تحرير جريدة (المحرر) اللبنانية فوجدت المحررين في حركة مستمرة بين مكاتبهم ومكتبه ، والاوراق والاخبار والصحف تملأ مكتبه فيطلع عليها كلها ، فيرد على الهاتف ويتحدث مع الضيوف والمراجعين ، وفي زحمة العمل هذه رأيته يفتح بأستمرار احد ادراج مكتبه ليخرج كراسة بين اونة واخرى ويخط فيها بعض السطور ثم يعيدها الى مكانها، وعندما سألته عن ذلك اجابني بأنه يكتب قصة قصيرة جديدة ، وانه يقوم بأكمالها الان فتعجبت ان تاتيه الافكار وهو على هذه الحالة من الانشغال ، اجابني ان الفكرة متكاملة في ذهنه وانه يكتبه فقط وان العديد من قصصه قد كتبها بهذه الطريقة ( وهي الوحيدة الممكنة حالياً) والا صرفته الصحافة عن الادب ، وهذا ما كان ، وكانت تلك القصة التي شهدت ولادتها اضافة لقصصه السابقة التي تحول بعضها الى افلام سينمائية هادفة .
من مواهب غسان غير المعروفة بنحو واسع انه فنان تشكيلي مبدع، فعلاوة على رسومه وتخطيطاته في الصحف والمجلات ، فقد لرسم لوحات زيتية رائعة ، شاهدت قسماً منها في دار الدكتور بشير الداعوق صاحب دار الطليعة للنشر في بيروت ، وقد اعجبت بها كثيراً ، وعندما ابديت دهشتي من قابليته الفنية اجابتني الاديبة غادة السمان، وهي زوجة الدكتور بشير الداعوق ، بأنها تعتز وتفتخر بما تحويه دارهم من لوحات غسان وانه لو اراد واو سمح له الوقت لبرز في هذا الفن كما برز في السياسة والادب والصحافة ، وقد قامت السيدة أني زوجة غسان بطبع بعض لوحاته الفنية على شكل بوسترات ، وهي بأعتقادي واو انني غير مختص في هذا المجال ، تمثل اعمالاً ثرة في الفن التشكيلي العربي ، يا حبذا لو قام احد المهتمين بهذا الجانب بتجميع لوحات غسان الفنية ، وعرضها في معرض خاص بفن غسان كنفاني . دعاني غسان مرة في عام 1964 الى غداء بسيط في شقته البسيطة في بيروت لتذوق طبخ زوجته(اني) وكان جميعه من مشتقات البطاطة، وعندما دخلنا الشقة وجدتها مرتبة بذوق فني عال، وحين ابديت اعجابي بادرت اني الى القول : انظر الى هذه السجادة انها من حياكة غسان ، وذلك المكتب والدولاب وما معلق على الجدران من لوحات وتخطيطات ومصنوعات شعبية وغيرها ، انها كلها صناعات (غسانية ) قلت لها وهل الطعام من طبخ غسان ايضاً ؟، فضحكت وقالت لا فأنا حريصة على اعداد طعام خاص له نظراً لمرضه واذا ما قام هو بالطبخ فسوف يخرق تعليمات الاطباء ، وهكذا تناولنا طعاماً طبياً .
وقد سافرت مرة من بيروت الى القاهرة مع غسان وزوجته، وكان غسان رئيس تحرير وفي قمة شهرته الادبية والسياسية ، وله معارف عدة من الادباء والكتاب والسياسيين في مصر ، وقد اعد برنامجاً كاملاً لزيارته وما سيخرج به من حصيلة صحفية وادبية ، وعند وصولنا الى مطار القاهرة جرى انهاء الاجراءات الخاصة بدخول غسان من دوننا بمنتهى السرعة والاحترام من قبل موظفي المطار وعندها احس غسان بالزهو ولكننا فوجئنا وغسان يشكره على مساعدته ، بأن الموظف يسأل غسان (مش حضرتك اخو الكابتن مروان ؟) وكان مروان كنفاني شقيق غسان حارساً لمرمى النادي الاهلي والمنتخب الوطني المصري لكرة القدم ، وهو مشهور ومحبوب جداً وزوجاً للممثلة ( نجوى ابراهيم ) واذا بسعادة غسان تنقلب الى غضب ظريف ، ففد وجد ان شهرة مروان الرياضية هي التي سهلت كل اجراءات الدخول الى القاهرة في حين كان يعتقد ان ما جرى هو تقدير لشخصه ، وبقينا طيلة الطريق من المطار الى الفندق نتندر بهذه الحادثة ونسأله ( مش حضرتك اخو الكابتن مروان) ؟ فيستشيط غضباً ، مرت سنوات وتفرغ غسان للعمل الفدائي واصبح ناطقاً بلسان الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في الوقت الذي قامت الجبهة بأعمال فدائية جريئة ضد الصهاينة ، لذلك خطط الموساد لاغتياله ونجح في تفجير سيارته ليستشهد غسان مع ابنة شقيقته . رحم الله غسان كنفاني ابن فلسطين والعروبة ، فقد عاش واستشهد من اجلهما
كان غسان كنفاني أول قائد يسقط في هذه الحرب السرية ، وقد تم اغتيال المناضل والأديب والفنان وعضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والناطق باسمها يوم السبت 8/7/1972م مع ابنة أخته لميس بعبوة ناسفة وضعت في سيارته.
وغسان كنفاني أديب وفنان ومناضل فلسطيني ولد في مدينة عكا في فلسطين بتاريخ 9/4/ 1936م وبدأ يتلقى دراسته الابتدائية في مدرسة الفرير في مدينة يافا حيث كان والده يعمل محامياً ولم يتم هذه الدراسة إذ وقعت نكبة 1948م وسقطت مدينة عكا يوم 16/5/1948م فلجأت أسرة غسان إلى لبنان لبعض الوقت ثم انتقلت إلى سوريا وأستقرت في دمشق .
حاز شهادة الدراسة الإعدادية عام 1953م فاشتغل معلماً في مدارس وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين في دمشق ، ثم حاز بدراسة خاصة شهادة الدراية الثانوية فترك دمشق عام 1955م إلى الكويت للعمل مدرساً في مدارسها أنتسب خلال عمله الجديد إلى جامعة دمشق ونال شهادة الإجازة في الأدب قسم اللغة العربية وكانت الرسالة التي قدمها بعنوان ، العرق والدين في الأدب الصهيوني .
غادر غسان كنفاني الكويت عام 1960م إلى بيروت حيث أنضم إلى أسرة تحرير مجلة الحرية الناطقة باسم حركة القوميين العرب ، وتولى رئاسة تحرير جريدة المحرر اليومية ، وكان يشرف على الملحق الأسبوعي التي تصدره المحرر باسم فلسطين ، ثم انتقل رئيساً لتحرير جريدة الأنوار اليومية ( 1967-1969م ) ، في 26/7/1969م ترك غسان كنفاني صحيفة الأنوار ليتولى رئاسة تحرير مجلة الهدف التي أصدرتها الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ، وكان قد أصبح عضواً في المكتب السياسي للجبهة وناطقاً رسمياً باسمها ومسؤولاً عن نشاطها الإعلامي ، وقد شارك في وضع البيان السياسي للجبهة والمعروف باسم ( برنامج آب 1969م ) ، وكانت الصحافة الأجنبية قد ركزت عليه بعد عملية مطار اللد الأخيرة ، وهو متزوج وله طفلين فائز وليلى .
ولدالشهيد غسان كنفاني عام 1936 في مدينة عكا بفلسطين .. وهو عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين .. عرفته جماهيرنا صحفياً تقدمياً جريئاً ، دخل السجن نتيجة جرأته في الدفاع عن القضايا الوطنية أكثر من مرة
عمل فى الصحف والمجلات العربية ...
- عضو في أسرة تحرير مجلة "الرأى" في دمشق.
- عضو في أسرة تحرير مجلة "الحرية" فى بيروت.
- رئيس تحرير جريدة "المحرر" في بيروت.
- رئيس تحرير "فلسطين" في جريدة المحرر.
- رئيس تحرير ملحق "الأنوار" في بيروت.
- صاحب ورئيس تحرير "الهدف" في بيروت.
كما كان غسان كنفاني فنانا مرهف الحس ، صمم العديد من ملصقات الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ، كما رسم العديد من اللوحات.
من مؤلفات الشهيد:
(1) قصص ومسرحيات :
- موت سرير رقم 12.
- أرض البرتقال الحزين.
- رجال في الشمس - قصة فيلم "المخدوعون".
- الباب - مسرحية.
- عالم ليس لنا.
- ما تبقى لكم - قصة فيلم السكين.
- عن الرجال والبنادق.
- أم سعد.
- عائد إلي حيفا.
(2) بحوث أدبية:
- أدب المقامة في فلسطين المحتلة.
- الأدب العربي المقاوم في ظل الإحتلال.
- في الأدب الصهيوني.
(3) مؤلفات سياسية:
- المقاومة الفلسطينية ومعضلاتها.
- مجموعة كبيرة من الدراسات والمقالات التي تعالج جوانب معينة من تاريخ النضال الفلسطيني وحركة التحرر الوطني العربية (سياسياً وفكرياً وتنظيمياً).
استشهد صباح يوم السبت 8/7/1972 بعد أن انفجرت عبوات ناسفة كانت قد وضعت في سيارته تحت منزله مما أدي إلي استشهاده مع إبنة شقيقته لميس حسين نجم (17 سنة).<O> </O>
أذكر ذلك اليوم جيداً. كان الوقت في بيروت ما زال مبكراً. الحرارة
والرطوبة عاليتان. المدينة في مشاغلها العادية كما في كل يوم. المشاغل العادية هذه كانت مختلفة عما نحن عليه الآن. تبدأ بالعمل، وما قالته الصحف، وما يدور في مصر وسوريا والاتحاد السوفياتي وتصل الى أحياء الليلكي والسلم والدكوانة والشياح و... ما يجري على الحدود الجنوبية.
دوى ذلك الانفجار فيما المدينة قد انطلقت نحو حياتها المتداخلة. كان مسرح الانفجار منطقة الحازمية، عندما كان غسان كنفاني يدير محرك سيارته. تناثرت أشلاؤه. اختلطت أشلاؤه بأشلاء ابنة اخته لميس التي كانت قد استقرت الى جانبه. عثر على جزء من يده على سطح إحدى الأبنية المجاورة. لم يكن الهدف قتله فقط، بل بتر يده بالتحديد. كان الوقت مبكراً، صحف الصباح صدرت كما في كل الأيام، الاذاعات محصورة بإذاعة لبنان الرسمية. التلفزيون يفتتح برامجه عشية وحتى الحادية عشرة مساء، فقط. لم يكن عرف <<الفلاشات>> الاخبارية رائجاً في حينه. مع ذلك طار النبأ بأسرع من أثير <<سلاحف>> الإعلام الرسمي والخاص في حينه. بعد دقائق كان كل من في الشارع يهمس في أذن آخر أن غسان كنفاني قد استشهد. لم تكن إذ ذاك قد عرفت بعد السيارات المفخخة. بالتأكيد كان هناك ظلال ما لحرب أهلية مقبلة، إلا أن أحداً لم يتعرف بعد على منوعاتها الأمنية والعسكرية. كانت المدينة تعيش صخباً استثنائياً. المد القومي اليساري في ذروته وغسان كنفاني هو الأول في قائمة كبار الشهداء، شهداء الشعبين اللبناني والفلسطيني، الفلسطيني واللبناني.
لم يكن من قبيل الصدفة ان تبدأ به سبحة الاغتيالات. كل ما فعله، حتى حياته العادية كانت <<تبرر>> للاستخبارات الصهيونية جريمتها، فالرجل الناحل الذي ولد في العام 1936 وعاش في يافا حتى العام 1948 عندما أخرج منها، وتنقل بين سوريا والكويت حتى استقر في لبنان، ملأ دنيانا، نحن الذين تربينا ونحن نشهد الانهيار الكبير في العام 1967. كان <<12>> هو أول ما قرأته له، ثم عندما قرأت <<رجال في الشمس>> أدركنا أهمية <<الدق على الخزان>> الذي مات أبطال الرواية دون أن يقدموا عليه، مما أدى الى موتهم بين صحراءي الكويت والعراق، فيما السائق يتابع رحلته وسط سراب المحاولة... غسان كنفاني كان لا بد وأن يقتل بقرار إسرائيلي طالما أنه أعاد إحياء الفلسطيني الذي ظن قادة المؤسسة الصهيونية انه مات، ان لم يكن جسدا، قرب منابع النفط، فروحا في خيام اللجوء في لبنان وسوريا والاردن و... كانوا يريدون وما زالوا الفلسطيني ميتاً في أي مكان بما فيه البحر الميت تبع النسخة الأخيرة. كانت جريمة غسان إعادة إطلاق طائر الفينيق هذا الذي ظنوه أنه قد دجن تماماً ان لم يكن على أيدي الأنظمة، فعلى دفاتر وكالة إغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الاونروا). كانت المنطقة تغلي بالثورة بعد هزيمة الجيوش العربية النظامية في العام 1967، وكانت الموجة إعلاء راية حرب التحرير الشعبية الطويلة الأمد... ومن كل الجبهات العربية دون استثناء <<حرمة>> هذه الدولة أو تلك. غسان بهذا المعنى كان حادي الثورة المنطلقة والمنفلتة في الشوارع تدين مشروع روجرز وقرارات الأمم المتحدة رقم 242 و338 وكل محاولة تسوية أو اتصال أو اعتراف أو ... اندمجت الأحلام حتى بات من الصعب أن نميز بين حلم فلسطيني وآخر لبناني أو سوري أو عراقي... اليوم بات لكل منا أحلامه كما له كوابيسه..
كان غسان يختلف عنا نحن الشبان المراهقين الذين درجنا على قض مضاجع الأنظمة والشوارع. تعلمنا منه كيف ننظر الى الإسرائيلي والفلسطيني وذواتنا أيضاً. لم يعد الموضوع عبارة عن شغف شبابي، بات بالإمكان تلمس معالم الشخصية الصهيونية وتفكيك بناها وعلاقاتها ومكامن قوتها وضعفها.. لم يكن قد ساد بعد هذا الشعار الساذج الرائج اليوم بالنظر الى الإسرائيلي أنه مجرد يهودي أو <<شر مطلق>> أو...
ليست مناسبة هذا الكلام مرور الذكرى 31 على استشهاد غسان واستحضار تلك اللحظات في حياة مدينة كانت تنهل من نسغ الحرية وتتملاها، حتى استحالة التمييز بين أزقة تل الزعتر والدكوانة وشاتيلا والطريق الجديدة وبرج البراجنة ومخيمها... واللاجئ من وطنه والمهجر في وطنه.. وشعارات تتحد في مجرى صراع الداخل والحدود. ليس مناسبة الكلام عن غسان ذكرى شهادته التي أطلقت مجرى الدم على نحو غزير. الدم الفلسطيني واللبناني الذي جرف في تياره روائيين وشعراء وكتّاباً وصحافيين وقادة سياسيين و... المناسبة حدثت بالصدفة وأثارت هذه الشجون، كانت الاطلاع على الكتاب الصادر عن المركز التربوي للبحوث والانماء وفق المناهج الجديدة لمادة <<الأدب العربي وقواعد اللغة العربية>> للسنة الثانية فرع العلوم. الكتاب هذا يتألف من أربعة محاور أولها يتناول الإنسان والحب. واختار المؤلفون ثلاثة نصوص: للشاعر سعيد عقل (سمراء)، للشاعر نزار قباني (ماذا أقول له) والثالث لغسان كنفاني (رسالة الى غادة السمان). في المحاور الباقية نصوص عن الإنسان والفن والعلم والتفاعل الثقافي بين الشعوب لكل من: أنسي الحاج، مصطفى فروخ، ابن الرومي، جبرا ابراهيم جبرا، ابراهيم اليازجي، فؤاد زكريا، خليل رامز سركيس، عمر فاخوري، عباس محمود العقاد، قسطنطين زريق وجورج صدقني. وما يعنينا هو المحور الأول.
بداية لا بد من التأكيد على أهمية أن يتضمن كتاب مدرسي لطلاب الثانوية العامة (العلوم) نصاً لغسان كنفاني، كما لا بد من التنويه بأن تشتمل العديد من الكتب المدرسية نصوصاً لشعراء الحداثة والروائيين المعاصرين. ولكن مثل هذا الأمر يفتح الموضوع ولا يقفله. وهنا يبدو الموضوع مفتوحاً على النص الذي يتم اعتماده. هل يعبر هذا النص عن الشاعر أو الروائي... ثم ماذا عن الأسئلة التي ترد في نهاية النص.
لا شك بأن قصيدتي سمراء وماذا أقول له لكل من الشاعرين عقل وقباني تعبران عن عالميهما الشعري والنفسي، ولكن السؤال هو هل تعبر الرسالة التي تم اختيارها عن عالم غسان كنفاني؟ بالتأكيد لم يكن أدب غسان كنفاني أدب ترسل ورسائل كما يوحي النص المعتمد. وإلا كان الاختيار موفقاً، خصوصاً أن غسان كنفاني لا يندرج تحت العنوان الرومانسي الذي تم اختياره في المحور الأول <<الإنسان والحب>>، الذي تم قصره على هذا النحو. هذا يدفع الى سؤال اللجنة عن المقياس أو <<الرائز>> الذي اعتمدته لتفضيل هذا النص على سواه من نصوص وردت في أعماله الروائية والقصصية دون استثناء. ناهيك بمقالاته الصحافية في <<الحرية>> و<<المحرر>> و<<الانوار>> و<<الحوادث>> و<<الهدف>>. هنا لا تشفع للجنة حسن النوايا، وأقل ما يقال عنها انها ضربت يدها على آخر الاصدارات التي وجدتها في السوق فوقعت يدها على الرسائل فتناولت واحدة منها وقررتها وجاءت لجنة ثانية فوضعت الأسئلة عن النص. والمشكلة تتعدى الشكل الى الجوهر أيضاً. مثلاً تعتمد المنهجية الجديدة مبدأ البحث. ولكن كم من المدارس تملك مكتبات غنية ومكتملة، لتضم ليس أعمال غسان كنفاني بل أعمال كل الشعراء والأدباء الواردين في المحاور الثلاثة الباقية. هذا لجهة الصعوبات التي تعترض الطلاب، خصوصاً في ظل غياب المكتبات العامة عن الاحياء والمدن، رغم النقلة التي حدثت في خلال وزارة د. غسان سلامة للثقافة... ولكن ماذا يعرف الأساتذة عن غسان كنفاني، وكيف يتم مسخ نضال هذا الأديب والروائي الفلسطيني الكبير والمضيء إذا ما وقع بين <<براثن>> من يجهلون الحد الأدنى من تاريخه وتاريخ قضيته. ماذا يصل عندها للطالب الذي يمثل يوم الثامن من تموز العام 1972 تاريخاً بعيداً عنه كان خلالها والده يافعاً أو صغيراً حتى...
حدث بالنسبة للمناهج الجديدة أن جرى إبدال نص لأحد الشعراء بنص آخر، بعد أن احتج عليه الشاعر، لأن النص الذي تم اعتماده لا يعبر عن شخصيته الأدبية الفكرية. غسان كنفاني ليس حاضراً بيننا ليطلب الى المركز التربوي استبدال النص بنص آخر، لكن لعائلته هذا الحق، ليس لعائلته هذا الحق، بل لكل الذين يعرفون غسان كنفاني روائياً مناضلاً في سبيل قضية ما زالت حتى اللحظة محور قضية المنطقة، وستظل محور مستقبلها أيضاً. إلا إذا كان رأي اللجنة ان الرسالة هي الأفق لا سواها.
نقول هذا الكلام حتى لا يتشظى جسد غسان كنفاني مرة ثانية... يحدث هذا دون أن يتمكن شبابنا من استيعابه. استيعاب أدبه واستيعاب شهادته المعبرة كفلسطيني لم يتسن له العودة الى حيفا ووجد له مكاناً تحت الشمس
الردود
Safir
الشهيد غسان كنفاني
أمير الحلو
كنت قد كتبت بعض الخواطر عن الشهيد غسان كنفاني الذي اغتاله الموساد الصهيوني ، ولاستكمال سلسلة كتاباتي عن ( شخوص في ذاكرتي ) احاول تجميع تلك الخواطر في هذه المقالة التي تسلط الاضواء على شخصية غسان بعيداً عن المجالات الادبية التي كتب فيها الكثيرون من المختصين .
لم اكن اعرفه شخصياً في بداية الستينات ، ولكني اتذكر ان بعض النشرات السياسية الصادرة في بيروت ودمشق كانت تحمل خطوطاً ورسومات جميلة لعناوينها وابوابها، وقد علمت ان غسان يقوم بعمليات الاعداد والاخراج الفني لها من خط ورسم وتوبيب، وكان اللقاء الاول معه بعد ثورة 8 شباط 1963 حينما صدرت جريدة ( الوحدة ) في بغداد وكان رئيس تحريرها الشهيد باسل الكبيسي الذي اغتاله الصهاينة ايضاً بعد ذلك ، وكنت من محرري تلك الجريدة ، ولكن لم تكن لدينا الخبرة الصحفية لاخراج جريدة يومية ، فلبى غسان رجاءنا وجاء الى بغداد ليشرف فنياً على اصدار الجريدة اضافة الى الاستفادة من خبرته السياسية والادبية في المساهمة بالتحرير ... كنا نتسلم لاخبار والمقالات كما هي فندفعها الى غسان واذهب الى غرفته واتابعه وهو يحولها الى صفحات كاملة في الجريدة ، يمسك ورقة الجريدة الخام فيرسم الخطوط ويقسم الابواب ويخط العناوين ، ثم يقرأ قصاصات الاوراق التي تحتوي على الاخبار فيعيد صياغتها ويطلب اضافات من الارشيف والمعلومات المتوفرة ،ثم يطلع على الصور الاخبارية وينتقي منها ويلصقها بيده في اماكنها في الجريدة . كنت اراقبه وهو يعمل بهمة ونشاط وحب للعمل ، واحاول ان اتعلم منه (سر المهنة ) فقد كانت امكانياتنا محدودة وخبرتنا قليلة ، وندفع الجريدة كاملة بعد ذلك الى المطبعة ، وفي المحصلة يكون غسان هو المحرر وهو المخطط والمنفذ الذي لولاه لما خرجت الجريدة بهذه المقدرة والموهبة . كان طبيعياً ان نرى غسان بعد ذلك بسنوات قليلة رئيساً لتحرير عدة صحف يومية معروفة في لبنان ، ويصبح اسمه لامعاً في غالم الصحافة والاعلام ، زرته يوماً في مكتبه في بيروت وهو رئيس تحرير جريدة (المحرر) اللبنانية فوجدت المحررين في حركة مستمرة بين مكاتبهم ومكتبه ، والاوراق والاخبار والصحف تملأ مكتبه فيطلع عليها كلها ، فيرد على الهاتف ويتحدث مع الضيوف والمراجعين ، وفي زحمة العمل هذه رأيته يفتح بأستمرار احد ادراج مكتبه ليخرج كراسة بين اونة واخرى ويخط فيها بعض السطور ثم يعيدها الى مكانها، وعندما سألته عن ذلك اجابني بأنه يكتب قصة قصيرة جديدة ، وانه يقوم بأكمالها الان فتعجبت ان تاتيه الافكار وهو على هذه الحالة من الانشغال ، اجابني ان الفكرة متكاملة في ذهنه وانه يكتبه فقط وان العديد من قصصه قد كتبها بهذه الطريقة ( وهي الوحيدة الممكنة حالياً) والا صرفته الصحافة عن الادب ، وهذا ما كان ، وكانت تلك القصة التي شهدت ولادتها اضافة لقصصه السابقة التي تحول بعضها الى افلام سينمائية هادفة .
من مواهب غسان غير المعروفة بنحو واسع انه فنان تشكيلي مبدع، فعلاوة على رسومه وتخطيطاته في الصحف والمجلات ، فقد لرسم لوحات زيتية رائعة ، شاهدت قسماً منها في دار الدكتور بشير الداعوق صاحب دار الطليعة للنشر في بيروت ، وقد اعجبت بها كثيراً ، وعندما ابديت دهشتي من قابليته الفنية اجابتني الاديبة غادة السمان، وهي زوجة الدكتور بشير الداعوق ، بأنها تعتز وتفتخر بما تحويه دارهم من لوحات غسان وانه لو اراد واو سمح له الوقت لبرز في هذا الفن كما برز في السياسة والادب والصحافة ، وقد قامت السيدة أني زوجة غسان بطبع بعض لوحاته الفنية على شكل بوسترات ، وهي بأعتقادي واو انني غير مختص في هذا المجال ، تمثل اعمالاً ثرة في الفن التشكيلي العربي ، يا حبذا لو قام احد المهتمين بهذا الجانب بتجميع لوحات غسان الفنية ، وعرضها في معرض خاص بفن غسان كنفاني . دعاني غسان مرة في عام 1964 الى غداء بسيط في شقته البسيطة في بيروت لتذوق طبخ زوجته(اني) وكان جميعه من مشتقات البطاطة، وعندما دخلنا الشقة وجدتها مرتبة بذوق فني عال، وحين ابديت اعجابي بادرت اني الى القول : انظر الى هذه السجادة انها من حياكة غسان ، وذلك المكتب والدولاب وما معلق على الجدران من لوحات وتخطيطات ومصنوعات شعبية وغيرها ، انها كلها صناعات (غسانية ) قلت لها وهل الطعام من طبخ غسان ايضاً ؟، فضحكت وقالت لا فأنا حريصة على اعداد طعام خاص له نظراً لمرضه واذا ما قام هو بالطبخ فسوف يخرق تعليمات الاطباء ، وهكذا تناولنا طعاماً طبياً .
وقد سافرت مرة من بيروت الى القاهرة مع غسان وزوجته، وكان غسان رئيس تحرير وفي قمة شهرته الادبية والسياسية ، وله معارف عدة من الادباء والكتاب والسياسيين في مصر ، وقد اعد برنامجاً كاملاً لزيارته وما سيخرج به من حصيلة صحفية وادبية ، وعند وصولنا الى مطار القاهرة جرى انهاء الاجراءات الخاصة بدخول غسان من دوننا بمنتهى السرعة والاحترام من قبل موظفي المطار وعندها احس غسان بالزهو ولكننا فوجئنا وغسان يشكره على مساعدته ، بأن الموظف يسأل غسان (مش حضرتك اخو الكابتن مروان ؟) وكان مروان كنفاني شقيق غسان حارساً لمرمى النادي الاهلي والمنتخب الوطني المصري لكرة القدم ، وهو مشهور ومحبوب جداً وزوجاً للممثلة ( نجوى ابراهيم ) واذا بسعادة غسان تنقلب الى غضب ظريف ، ففد وجد ان شهرة مروان الرياضية هي التي سهلت كل اجراءات الدخول الى القاهرة في حين كان يعتقد ان ما جرى هو تقدير لشخصه ، وبقينا طيلة الطريق من المطار الى الفندق نتندر بهذه الحادثة ونسأله ( مش حضرتك اخو الكابتن مروان) ؟ فيستشيط غضباً ، مرت سنوات وتفرغ غسان للعمل الفدائي واصبح ناطقاً بلسان الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في الوقت الذي قامت الجبهة بأعمال فدائية جريئة ضد الصهاينة ، لذلك خطط الموساد لاغتياله ونجح في تفجير سيارته ليستشهد غسان مع ابنة شقيقته . رحم الله غسان كنفاني ابن فلسطين والعروبة ، فقد عاش واستشهد من اجلهما
رد: غسان كنفاني
شكرا جزيلا الموضوع جدا راقي
فالف رحمة على شهدائنا الابرار
تحياتي
فالف رحمة على شهدائنا الابرار
تحياتي
نادية الاسدي- عدد الرسائل : 49
تاريخ التسجيل : 06/05/2007
رد: غسان كنفاني
شكرا الك اخي على هذا الموضوع الجميل
(ربنا يجعل مقواه الجنة)
تقبل مروري
اختكم دعــــــــاء
(ربنا يجعل مقواه الجنة)
تقبل مروري
اختكم دعــــــــاء
عاشقة الجنوب- عضو جنوبي مقاوم
- عدد الرسائل : 1201
العمر : 32
Localisation : في قلب المقاومة
تاريخ التسجيل : 02/03/2007
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى